أخبار سوريا

اللاجئون السوريون في تركيا.. بين مطرقة النظام وسندان المعارضتان التركية والسورية

أضحى اللاجئون السوريون في الأسبوع الأخير مادةً دسمةً للصحافة والإعلام التركي المعارض، نتيجة حملاتٍ تحريضية من قِبل شخصيات في المعارضة التركي ، يتصدرهم السيد كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض والنائب في البرلمان أوميت أوزداغ المفصول من حزب “الجيد أو الخير” والسيدة إيلاي أكسوي المنتمية للحزب سالف الذكر والتي أَلِف السوريون تصريحاتها المعادية لهم منذ بداية ترشحها للانتخابات المحلية التي تُوجت بفشلها الحصول على رئاسة بلدية الفاتح في اسطنبول.

تستغل هذه الشخصيات وجود اللاجئين بادعاء تحميلهم مسؤولية التباطؤ والركود في الاقتصاد التركي منذ نزوحهم لكسب أصوات وتأييد جمهور الناخبين في الانتخابات المقبلة. فازدادت وتيرة التحريض خصيصاً في التصريح العلني للسيد كمال كليجدار أوغلو في فيديو من مكتبه نشره على تويتر والمنصات الأًخرى بعنوان “سنعيد علاقاتنا مع النظام في سوريا، وسنعيد اللاجئين السوريين إلى وطنهم”.

عقب التصريح اشتعلت موجة الحنق والكراهية تبعها إطلاق وسم على تويتر ” #SuriyelilerSuriye’e ”
أي ” السوريون إلى سوريا ” ، التغريدات تضمنت عدة إشاعات وادعاءات أو مفهومات خاطئة بحق السوريين، من قبيل أن السوريين يتقاضون رواتب شهرية من الحكومة التركية بلا مقابل وأنهم معفيون من الضرائب وغيرها الكثير من الأكاذيب والتضليل، متناسين آلام اللاجئين وما يكابدونه من فقرٍ وعوَز وقلةٍ في فرص العمل ونقصٍ في التعليم والطبابة، بالإضافة إلى تقييد الحكومة التركية حركة تنقلهم بين المحافظات باشتراط حصولهم على إذن سفر كل مرةٍ وغالباً ما يُقابل بالرفض بلا تبرير والمخالف يُغرّم بمبلغ يبدأ بـ 1.500 ليرة تركية قابل للزيادة في حال تكرار المخالفة.

اكتفت الحكومة التركية فقط بتصريحٍ عابر من قِبل رئيس البلاد السيد رجب طيب أردوغان في خِتام زيارته لجمهورية قبرص التركية إذ قال: ” ما دُمنا في هذه السُلطة بهذا البلد فلن نُلقي بعباد الله الذين لجأوا إلينا في أحضان القتلة ” وأضاف ” أقولها بوضوح، هؤلاء طرقوا أبوابنا واحتموا بنا، ولا نستطيع أن نقول لهم عودوا من من حيثُ أتيتُم لا يُمكن فعل ذلك (ترحيل اللاجئين السوريين) إذا لم يكُن طوعاً “، تبعاً لوكالة الأناضول للأنباء.

بالطبع لم يَسلم اللاجئون السوريين من حوادث التنمر والكراهية المتصاعدة ضدهم، أبرزها على سبيل المثال ما حدث مع السيد “جمال مامو” في مدينة اسطنبول في حي الفاتح، أثناء تنقله في حافلة للنقل العام وتحدثهِ على الهاتف لبرهة باللغة العربية، اقتربَ منه شخص تركي وطلب منهُ ارتداء كمامته بشكلٍ سليم على الرغم من ارتداء السيد جمال لها كذلك  فأثناء انشغال السيد جمال بتحققهِ بادره الشخص التركي بالاعتداء عليه بالضرب والسباب ليقوم السيد جمال بالنزول من الحافلة عند الموقف والطلب من السائق الاتصال بالشرطة، ليتَجاهلهُ السائق ويُغلق باب الحافلة وينطلق مسرعاً، بحسب منشور للسيد جمال في صفحته على فيس بوك.

حوادث الاعتداء كهذه لم تعُد نادرة مؤخراً، رغم كثرة شكاوي السوريين في مناسباتٍ وأوقات كثيرة قوبلت بتجاهل من الجهات المختصة كالشرطة بالإهمال وأحياناً بتحميل السوريين مسؤولية هذه الحوادث رغم البلاغات المتكررة ووجود أدلة واضحة. حتى أنّها وصلت ضد الأطفال السوريين في المدارس الحكومية التركية من أقرانهم الطلاب الأتراك والمعلمين. على الرغم من وقوف بعض الشخصيات التركية ذات الاعتبار الإعلامي والإداري لمناصرة اللاجئين السوريين والتأكيد على حقوقهم إلّا أن كلّ هذه الجهود لم تجدِ نفعاً، كما يرافقها تجاهُل تام من اللجنة السورية التركية المشتركة المنبثقة عن الائتلاف الوطني السوري ووزارة الداخلية التركية.

بدورنا نحن بعض النشطاء في الحركة المدنية السورية، قمنا بمتابعة وتدقيق حسابات قائدي الحملة التحريضية في المعارضة التركية، ووجدنا لهم متابعات لشخصيات في دمشق ولربما أنهم مدفوعون من قِبل النظام للقيام بالتحريض والتدليس تزامناً مع مؤتمر اللاجئين في دمشق بين 27/تموز-30/تموز الذي ترعاه روسيا، منهم مثلاً الصحفي السوري “سركيس قصارجيان” المُهتم بالشأن التركي، والمجيد للغة التركية.
شخص ثاني أيضاً يُدعى “دينيز عاطف بستاني” رجل أعمال تركي يَدّعي بأنّه محلل سياسي، من أب سوري وأم تركية من مدينة أنطاكيا، مدير لشركة “سواعد سيفا للتجارة” في دمشق بحسب موقع الاقتصادي، يتنقل بكثرة بين دمشق واسطنبول، يُغرد على تويتر عن الشأن السوري ويُصَوِر أن الحياة في دمشق طبيعية ويدعو اللاجئين للعودة إليها.
رصدنا أيضاً شخصية أخرى يدُعى “أحمد سليمان الابراهيم” من محافظة حماة مدينة سلحب، درسَ الهندسة الوراثية في ثمانينات القرن الماضي في تركيا ليعود إلى سوريا ويعمل كمترجم لكتب وروايات من اللغة التركية إلى العربية، وبحسب إدعاءه في مقابلة على راديو إذاعة دمشق بشهر آب/أغسطس 2020 أن له شعبية وأصدقاء كُثر في الوسط الثقافي التركي وأنّه على اتصالٍ دائمٍ معهم، ووصف أيضاً أثناء حواره اللاجئين السوريين في تركيا بأنّهم إرهابيون فارون.

وإن صحَ ظُننا بارتباط المعارضة التركية برجالات النظام وتلقيهم للدعم المالي، بحسب القانون التركي يجب محاكمتهم بتهمة العمالة لنظام معادي.

تترافق هذه الأحداث مع صدور كتاب للسفير التركي السابق في سوريا “عمر أنهون” بين عامي 2009-2012 بعنوان “سوريا بعيون سفير” ، حيث يروي السفير مجريات الأحداث في الثورة السورية التي عاينها وما آلت إليه بتواجد خمس جيوش دول أجنبية على التراب السوري وظهور داعش. يكشف أيضاً تفاصيل الاجتماعات السرية والمحادثات بين الحكومة التركية ووزير خارجية النظام المتوفي “وليد المعلم” إبان بدايات الثورة إذ استمرت إحدى الاجتماعات لفترة 7 ساعات متواصلة!. وتطرق أيضاً للتغلغل الإيراني في جذور ومفاصل النظام السوري ممّا شكلَ عُقدة يصعب حلها، كان الشعب السوري ضحيةً لها. ويخلُص في كتابه أخيراً أن تركيا هي جزء من الحل في سوريا وقد فعلت ما بوسعها لإنهاء الحرب على حد زعمه مشيراً إلى أن الحل يتطلب تنفيذ جميع عناصر قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لأجل وحدة الأراضي السورية ولسوريا تجمع السوريين، نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط.

الحركة المدنية السورية | اللجنة الإعلاميّة
بشير فهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى