خواطر وآراء

الرماديون! خونةٌ في نظرِ النظام وأنذال في نظر المعارضة؟!

مع اندلاعِ الثورة في سورية، انقسمَ الناس بين مؤيدٍ ومعارضٍ للنظام.

في خِضَم هذا الانقسام ظهرت فئة من المجتمع السوري لم تنحاز إلى المعارضة ولا للنظام بشكلٍ واضح.

هذه الفئة التي أُطلقَ عليها “الرمادية” والتي كانت تردد شعار -“الله يفرج”- لم تُبَدل أو تُغير مَوقفها على مدار عدة سنوات الحرب المستمرة لهذه اللحظة.

لكنَ السؤال الأهم هنا، لماذا عجز النظام في استقطاب هذه الفئة؟ والتي لو استطاعَ بالفعل كسبها التام لِصَفِه، لكان قد حسم الموقف لِصالِحه مُنذُ بداية الأحداث. و لماذا عَجَزت المعارضة أيضاً في كسب تأييد هذه الفئة والتي لو فعلت لكانت قد حسمت الأمر لها. بينما استمرت هذه الفئة في بقاءها على الحياد والرمادية وعجز كلا الطرفين في كسبها.

أما السؤال الثاني، لماذا بقيت الرمادية عند عددٍ كبير من المجتمع السوري الخَيَار الأفضل؟.

ربما أستطيعُ الإجابة عن هذا السؤال؛ كوني كنتُ رمادياً طوال هذا الوقت.
في الحقيقة إنّ هذهِ الفئة لم يكن بوسعها أن ترضى عن دموية هذا النظام في القمع ولو على حساب الاستقرار وطِوَل أمد الصراع.

كما أنها لم يكن بوسعها أيضاً أن تُؤيدَ معارضةً مرتهنة، مجهولةَ الهوية والانتماء.

إن هذه الفئة من المجتمع السوري التي وُصِفَت بالخيانة والنذالة من قِبل النظام والمعارضة وأحياناً كان الهجوم عليها شرساً لدرجةٍ كبيرة، ربما تبدو أنها هي الفئة الأكثر وطنية في المشهد السوري كما أنها هي أيضاً نالت نصيب الأسد من الخسارة في الأرواح والممتلكات، ولم يشفع لها ذلك عند الطرفين، و لا تزال هذه الفئة هي المُستهدفة والعدو المشترك للنظام والمعارضة معاً.

نراها اليوم محاصرةً في مناطق سيطرة النظام محرومةً من الخبز والوقود ومُجبرةً على دفعِ الأتاوات على الحواجز، كذلك هو حالها في مناطِق سيطرة المعارضة منبوذةً في المخيمات. كما أن الفصائل المصلحة التي تسيطر على مناطق المُحرر تقوم بتوزيع الإعانات على الأتباع والمحسوبين ويَتَبَقى للرماديين نصيبهم من الجوع.

ربما إن هؤلاء الرماديين فَضّلوا الخسارة على الانحياز للدم والقتل وقد تكون الفئة الوطنية الوحيدة على الساحة السورية، ولا يتوجب إهمالها بل يجب التعويل عليها في بناء سورية المستقبل

ناشط وعضو في اللجنة الثقافية في الحركة المدنية السورية
كلّ ما ورد أعلاه يعبّر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة رؤية الحركة المدنيّة السوريّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى