أخبار سوريا

درعا مهد الثورة إلى أين؟

تقع مدينة درعا في نهاية طريق دمشق درعا الذي يصل إلى الحدود مع الأردن، والمدينة قسمان؛ الأوّل هو درعا المحطّة نسبةً لمحطّة الخط الحديدي الحجازي وهي المركز الرسمي للمحافظة، ولم تخرج يومًا عن سيطرة النظام، أمّا القسم الثاني فهو درعا البلد التي تمتد لتشمل طريق السدّ والمخيم وهي المنطقة المحاصرة اليوم.

إنّ درعا هي المحافظة الوحيدة التي لم يخرج منها كافّة مقاتلي المعارضة عقب استعادة النظام السيطرة عليها عام 2018، حيث أُبرم اتّفاق تسوية برعاية موسكو وضع حدًا للعمليات العسكريّة في الجنوب، نصّ على أن تُسلّم الفصائل السلاح الثقيل للنظام مع بقاء عناصر المعارضة في مناطقهم مع حقّهم بالاحتفاظ بأسلحتهم الخفيفة، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ قوّات النظام لم تنتشر في كافّة أنحاء المحافظة، وعليه فلم تنطفئ نار الثورة في درعا، وتشهد المنطقة بين الحين والآخر مظاهرات ضد النظام وتوترات واشتباكات.

ومنذ أسابيع نكث النظام وإيران جميع اتّفاقات المصالحة وزادوا إمعانًا بإجرامهم بحقّ أهالي درعا، وطالبوا بتسليم السلاح الخفيف وصولًا إلى بنادق الصيد، إضافةً إلى تسليم عشرات الثوّار، ونشر حواجز من الفرقة الرابعة لمحاصرة المنطقة.

طالب أهالي درعا حرصًا منهم على حقن الدماء بعد اشتداد التوتر بينهم وبين النظام، بنشر حواجز من أبناء حوران من اللواء الثامن التابع لأحمد العودة التابع للفيلق الخامس الموالي لروسيا كقوّات فصل بين الطرفين، إلّا أنّ النظام رفض ذلك، موجّهًا رسالة لجميع أهالي حوران أنّهم سيلقون ذات المصير الذي لقيته باقي مناطق المعارضة على الأراضي السوريّة، حيث تمّ خنقها ثمّ إجبار أبنائها على مغادرتها إلى الشمال السوري، حيث يقاسون الذلّ كلّ يوم.

وقال مصدر مقرب من اللجنة المركزية في درعا البلد لـ«الشرق الأوسط» أنّه بعد أن أفشلت قوات الفرقة الرابعة الاتفاق الذي حصل يوم الاثنين الواقع في 26 تموز/يوليو في محاولة لتجنيب المدينة الحرب والتصعيد العسكري، أصرت هذه القوات على تطويق مدينة درعا البلد، وتمشيط المناطق الزراعية وأطلقت النار عشوائيًا على الأهالي ممّا أدى إلى مقتل مدنيين، ورفضت الانسحاب بعد تطبيق بنود الاتفاق، وبذريعة تعرُّض قوات الفرقة الرابعة لمواجهات واشتباكات في محيط درعا البلد، قصفت المنطقة بعدد من قذائف الهاون والرشاشات الأرضية الثقيلة، حتى أن الضابط الذي تسلم المناطق في مدينة درعا البلد فوجئ بقصف المنطقة وقال أنّها تصرفات فردية عشوائية لا علم للقيادة بها.

وأضاف المصدر أنّه عقب ذلك حدثت عدة جولات تفاوضية شاركت بها اللجنة المركزية للتفاوض في ريف درعا الشرقي والغربي والفيلق الخامس المدعوم من روسيا، فشلت جميعها.

واصل أهالي أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد النزوح عن المنطقة إلى أحياء درعا المحطة عبر حاجز مبنى السرايا بعد إغلاقه لساعات، سيرًا على الأقدام بسبب منع عبور السيارات، وبلغ عدد النازحين حوالي 15 ألفًا أو 600 عائلة وفق مصادر أخرى. وحاولت قوات النظام التقدم باتجاه أحياء درعا من محورين بأعداد كبيرة من العناصر لفرض السيطرة المطلقة عليها بشكل يخالف بنود اتفاق التسوية الذي أُبرم بين لجنة التفاوض والنظام قبل أيام، والذي نصّ على تمركز مجموعات من الفرقة الخامسة وفرع الأمن العسكري في مواقع عدة في المنطقة دون وجود عتاد عسكري ثقيل.

وفجر اليوم الثلاثاء الواقع في 3 آب/أغسطس تجددت الاشتباكات في محافظة درعا استمرارًا لمواجهات بدأت الأسبوع الماضي والتي تعدّ الأعنف منذ ثلاث سنوات وتسببت بخسائر ماديّة وبشريّة، ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان فإنّ النظام يطالب برفع العلم السوري على أعالي المسجد العمري، والسيطرة الكاملة على درعا ونشر الحواجز في كامل المنطقة، إضافةً لتهجير عدد من الأشخاص المطلوبين أو تسليم أنفسهم وسلاحهم، وإجبار أبناء درعا على الانخراط في الخدمة الإلزامية في الجيش السوري، مهددًا بتدمير درعا فوق رؤوس أهلها في حال رفضوا الانصياع له.

أمّا الموقف الروسي فلازال ثابتًا منذ التقى الكولونيل ألكسندر زورين مبعوث وزارة الدفاع الروسية إلى مجموعة العمل الدولية (ISSG) والمشهور بأنّه عراب الاتفاقات في ريف مشق، أحمد العودة قائد اللواء الثامن وعاد لموسكو دون أن يلتقي أيًّا من ضباط النظام، مبلغًا العودة أنّ روسيا ترفض اجتياح قوّات النظام لدرعا، ولن توفّر لهم أيّة تغطية جويّة. حتّى أنّ الوفد الروسي، وفق بعض التسريبات، الذي التقى بأهالي درعا في مبنى حزب البعث في حيّ المطار في درعا المحطّة، طلب من وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب العودة إلى دمشق بعد أن هدد وفد أهالي درعا باقتحام المنطقة بالقوّة في حال عدم تنفيذ مطالب الحكومة السوريّة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأردن قرّر السبت الواقع في 31 تموز/يوليو تأجيل فتح معبر جابر نصيب الحدودي مع سوريا مؤقتًا نتيجة التوتر الأمني في درعا.

ويرى البعض أنّ ما يحدث في درعا البلد ما هو إلّا محاولة لجرّ الميليشيات التابعة لإيران وقوّات النظام الموالية لها لفخ القتال مع أهالي درعا المحميون روسيًّا، بهدف خلق ذريعة لإخراج إيران وأزلامها من الجنوب السوري تمامًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى