مقالات الأعضاء

هل حريتنا تحتاج الى مزيد من التضحية؟

قدم الشعب السوري الغالي والنفيس وضحى بأعز ما يملك من أجل الحرية والكرامة، وهذا ما فعلته كل شعوب الأرض قبلنا لنيلهما، لأنه ببساطة لا عيش للإنسان بدونهما، قامت المظاهرات ومن ثم مرحلة التسليح والدفاع عن النفس ضد إجرام النظام، وما نعرفه عن استغلال جهاتٍ خارجيةٍ للسلاح لتحقيق مصالح متضاربةٍ على حساب الثورة، وأدى بدوره لضرب الثورة في العمق وخلق بيئةً ومستنقعًا لظهور داعش والضفادع والخفافيش.

بعد كل التضحيات الكبيرة أصبح الطريق معروفًا فلا يجب أن نقع بنفس الحفرة مرةً أخرى، وننقاد تحت شعاراتٍ جميلةٍ بحجة حسن النية، لأن حسن النية لا يكفي أن يجعلك مناضلًا أو مدافعًا عن الحق، ولكن قد يجعلك أبله إذا لم تفكر، فالثورة الآن تحتاج إلى الوعي والمعرفة لا إلى الإقدام والتضحية ومعركتنا الحقيقية هي مع أنفسنا لا مع النظام ولا مع بشار، فمتى انتصرنا على أنفسنا سوف تنتصر الثورة.

لصعوبة الظروف لم يسبق عام 2011 أيّة تراكماتٍ علميةٍ أو فلسفيةٍ أو وعيٍ جمعيٍ أدت لقيام الثورة، فالثورة قامت ضد الظلم وهذا حقٌ مشروع، وفي وقتٍ ذهبيٍ هو الربيع العربي، فلم يكن للشعب خيارًا آخر أو مجالًا للانتظار، ولكنّ الثورة في مفهومها العام هي التمرد على كل شيئٍ سيئٍ من العادات والتقاليد، إلى الثقافة الموروثة، إلى سطحية الأخلاق وسطحية التدين. والانتصار يعني بالدرجة الأولى انتصارًا على أنفسنا وأحقادنا، وتحرير أنفسنا من القيود الداخلية حتى نتحرر من القيود الخارجية بكل تأكيد، في الوقت الذي نكون فيه متأكدين بأننا بشرًا صالحين مستقيمين لا نظلم ولا نُظلم، عندها لن يقف أمامنا أحدًا ويمنعنا من الانتصار لأن العائق الوحيد هو أنفسنا لا النظام ولا روسيا أو غيرها .

دعوةٌ للنصر، هل سمعتم أحدًا من قبل يقول أدعوكم للنصر، نعم أنا أقولها دعونا نبدأ طريق النصر على أنفسنا وعلى أمراضنا الاجتماعية وعنصريتنا وكرهنا للآخر، دعونا نكون أناسًا منفتحين على الغير محبين للحياة أوفياء لها. نصُرنا لن يكون بكثرة الجنود ولا السلاح أو الأموال أو الدعم من أحد، فإذا كنا صادقين مع أنفسنا نصل دمشق مشيًا على الأقدام، ونرفع فيها علم الحرية عاليًا. الثورة لن تعود إلّا بوجهها الأصلي الذي تم استبداله وإلباسها وجهًا مزيفًا، وطمس الوجه الحقيقي وهو الوعي والحب والعدل والمساواة. فعندما نكون أحرارًا من داخلنا كرام الأنفس نقدس المبادئ والقيم العليا، نستحق الحرية والكرامة والنصر بجدارة.

قضيتنا لا تقبل القسمة على اثنان، فكل محاولات تجميل شكل النظام البشع لن تجدي نفعًا فلا يوجد نصف حريةٍ ونصف كرامةٍ ونصف عدالةٍ، إمّا أن يُرفع علم الحرية عاليًا أو تبقى راية الاستبداد زمنًا طويلًا، وذلك مرهونٌ بقدرتنا على تصحيح أخطائنا ومعالجة أمراضنا بزمنٍ قياسيٍ ولا شيئ مستحيل.

 

الحركة المدنية السورية | اللجنة الثقافية
عبد الرزاق حسين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى