سوريا دولة الفساد (13): الآثار الإدارية للفساد
الآثار الإدارية للفساد:
الآثار الإيجابية:
يرى البعض أنّ الفساد يؤدي إلى رفع كفاءة الأداء وتيسير المعاملات عن طريق التخفيف من البيروقراطية وتعقيد الإجراءات الإدارية، كما أنّ الفساد يلعب دورًا كبيرًا في إغراء وجذب أصحاب الكفاءة والخبرة الإدارية للعمل في الأجهزة الحكومية؛ فبسبب تدني مستويات الأجور والمرتّبات التي تمنحها الأجهزة الحكومية فإنّ ذوي الكفاءة والخبرة يعزفون عن العمل بها، لكن مع وجود الفساد سيستطيعون الحصول على مبالغٍ ماليةٍ إضافيةٍ تعوّض تدني مستوى المرتّبات. بينما يرفض المعارضون هذه التبريرات، فإن كان الفساد يخفف من تعقيد الإجراءات الإدارية في بعض الحالات، إلّا أنّه لا يستفيد منه سوى عددٍ قليلٍ من أصحاب المعاملات الإدارية، كما أنّ تجاوز الإجراءات ليس دائمًا بالأمر المفيد لأنّها وضعت للحفاظ على المصلحة العامة، أمّا الحجة التي ترى أنّ الفساد عامل جذبٍ لذوي الخبرة فهي غير صحيحةٍ كون الفساد يلعب دورًا منفرًا لهذه الفئة، كما لا يمكن لهذه الفئة أن تسهم في خدمة وتحسين العمل الإداري إن كان ينخره الفساد.
الآثار السلبية:
يُعد الجهاز الإداري أوّل المتأثرين بالفساد على اعتبار أنّه مسرح الجريمة، ومن أبرز آثار الفساد عليه هو تحوّل عملية التخطيط إلى عمليةٍ صوريةٍ وشكليّةً، حيث يضعف دوره في التنمية الإدارية، فمع انتشار الفساد يصبح المسؤولون في الأجهزة المركزية للتخطيط غير متحمسين لإعداد أيّة خططٍ تنمويةٍ لمواجهة مشكلات المجتمع، فتصبح بذلك أجهزة التخطيط أجهزةً إداريةً لا معنى لها تشكل عبئًا على الدول. وهذا ينطبق أيضًا على عمليّة التنظيم فلم تعد الأجهزة الحكومية تهتم بإعادة تنظيم نفسها، ومراجعة القوانين والأنظمة والإجراءات التي تحكم عملها للتجاوب مع متطلبات العصر، فأصبحت عملية التنظيم تقف عند حدّ كتابة التقارير التي لا يمكن أن تساهم بتحسين الخدمة العامة، فالموظّفون الفاسدون يريدون الإبقاء على الإجراءات الإدارية المعقدة، للحفاظ على جمود الجهاز الإداري وبالتالي الحفاظ على ما يدره عليهم هذا الواقع من مكاسبٍ مادية. كما أنّ الموظّفون المستفيدون من انتشار الفساد يتعمّدون إعاقة أجهزة الرقابة الإدارية، وشلّها تمامًا بعدم تزويدها بالتقارير المطلوبة عن سير جهاز الحكومة، أو تزويدها بتقاريرٍ قديمةٍ لا يمكن أن تساعدها على القيام بمهمتها، يُضاف إلى ذلك كلّه وصول الفساد إلى أجهزة الرقابة الإدارية أيضًا. كما يسفر انتشار الفساد عن تدني أخلاقيات الوظيفة العامة، وهجرة أصحاب الخبرات والمؤهلات العليا من الدول النامية إلى الدول المتقدمة ممّا يؤثر على كفاءة الجهاز الإداري، وذلك نتيجة عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بسبب سيطرة الوساطة والرشاوى والمحسوبية في تعبئة الشواغر، وتجاهل معيار الكفاءة والجدارة في التعيين والترفيع. كما أنّ الفساد يُخلّف في نفوس الموظّفين شعورًا بفقدان الحماس والدافعية للعمل وعدم الولاء والانتماء وعدم الثقة.
سلسلة مقالات مقتبسة من رسالة ماجستير للناشطة الحقوقية لمى اللبواني