
سوريا دولة الفساد (6) صور ومظاهر الفساد
صور ومظاهر الفساد:
حددت العديد من الاتفاقيات الدوليّة والإقليميّة صور الفساد، ومنها:
أ. رشوة الموظّفين العموميين الوطنيين والأجانب وموظّفي المؤسسات الدولية العمومية والرشوة في القطاع الخاص: وتُعرف جريمة الرشوة بأنّها وعد موظّفٍ عموميٍ وطنيٍ أو أجنبيٍ أو موظّف مؤسسةٍ دوليةٍ عموميةٍ أو أيّ شخصٍ يدير كيانًا تابعًا للقطاع الخاص أو يعمل لديه، بميزةٍ غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إيّاها بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، سواء لصالح الموظّف نفسه أو لصالح شخصٍ أو كيانٍ آخر، لكي يقوم ذلك الموظّف بفعلٍ ما أو يمتنع عن القيام بفعلٍ ما ممّا يشكلٍ إخلالًا بواجباته، أو التماس الموظّف أو قبوله ميزةً غير مستحقةٍ مقابل ذلك.
ب. اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها من قِبل موظّفٍ عموميٍ واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص: وهو تعمّد موظّفٍ عموميٍ أو شخصٍ يدير كيانًا تابعًا للقطاع الخاص أو يعمل فيه، لصالحه أو لصالح شخصٍ أو كيانٍ آخر، اختلاس أو تبديد أيّة ممتلكاتٍ أو أموالٍ أو أوراقٍ ماليةٍ عموميةٍ أو خصوصيةٍ أو أيّة أشياءٍ ذات قيمةٍ عُهد بها إليه بحكم موقعه، أو تسربيها بشكلٍ آخر. ومثالها تبديد الأموال العامة في الإنفاق على الأبنية والأثاث، والمبالغة باستخدام المقتنيات العامّة في الأمور الشخصية، وقيام الموظّف باستغلال الصلاحيات الممنوحة له لتمرير السلع عبر منافذ السوق السوداء أو تهريبها، وإعفاء الموظّف بعض الشركات أو المواطنين من الضرائب المستحقة عليهم، أو أن يقوم المسؤولون الحكوميون بالاقتراض من بنوك الدولة بفوائدٍ منخفضةٍ، أو تسهيل حصول بعض رجال الأعمال على قروضٍ بفوائدٍ منخفضةٍ أو بدون ضمانات.
ج. المتاجرة بالنفوذ: وهي وعد موظّفٍ عموميٍ أو أيّ شخصٍ آخر ممّن تمّ ذكرهم أعلاه، بأيّة مزيّةٍ غير مستحقةٍ أو عرضها عليه أو منحه إيّاها، أو التماس الموظّف أو قبوله بها، بشكلٍ مباشرٍ او غير مباشرٍ، لتحريض ذلك الموظّف أو الشخص على استغلال نفوذه الفعلي للحصول من إدارةٍ عموميةٍ على مزيّة ٍغير مستحقةٍ لصالح المحرّض الأصلي أو لصالح أيّ شخصٍ آخر.
د. إساءة استغلال الوظيفة: تعمُّد موظّف عمومي إساءة استغلال وظيفته للقيام أو الامتناع عن فعلٍ، بغرض الحصول على مزيّةٍ غير مستحقةٍ لصالحه هو أو لصالح شخصٍ أو كيانٍ آخر، ومثالها الاستفادة من السلطة للتأثير بصورةٍ غير مشروعةٍ على قرار جهةٍ أخرى، استثمار المعلومات التي يُفترض أنّها سرّية في المؤسسة، قيام الموظّف باستخدام القوة البشرية الحكومية التابعة له في غير الأعمال الوظيفية المخصصة لهم، أو قيام الموظّف في السلطة الضريبية باستغلال ما خوّله القانون من سلطةٍ تقديريةٍ في تقدير حجم الوعاء الضريبي والضريبة عليه وتقدير السماحات والإعفاءات، لمساعدة المكلّفين على التهرّب من الضريبة مقابل الحصول على المال. ويعدّ من أمثلة هذا الجُرم أيضًا الابتزاز، ويقصد به أن يستغل الموظّف موقعه الوظيفي لتعطيل الإجراءات الإدارية أو مماطلتها عن طريق تقديم تبريراتٍ قانونيةٍ أو إداريةٍ بغرض الحصول على المال من العملاء. وتزداد خطورة جُرم الابتزاز إذا كان صادرًا من الحزب السياسي الحاكم، ففي بعض الدول التي تعاني من تفشي الفساد على أعلى المستويات في الدولة، يستغل الحزب الحاكم الضرائب وعمليات تدقيق أرقام الحسابات من أجل إجبار أصحاب رؤوس الأموال على دفع قسمٍ من أرباحهم إلى الحزب للحماية من هذه الإجراءات التعسفية.
ه. الإثراء غير المشروع: وهو تعمُّد موظّفٍ عموميٍ زيادة موجوداته زيادةً كبيرةً لا يستطيع تعليلها بصورةٍ معقولةٍ قياسًا إلى دخله المشروع.
و. غسل وإخفاء العائدات الإجرامية: وينطوي هذا الجُرم على عدّة أفعال: 1- إبدال الممتلكات أو إحالتها، مع العلم بأنّها عائداتٌ إجراميةٌ، بغرض إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع أو مساعدة أيّ شخصٍ ضالعٍ في ارتكاب الجُرم الأصلي على الإفلات من العقاب. 2- إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنّها عائداتٌ إجراميةٌ. 3- اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع العلم بحقيقتها. 4- إخفاء الممتلكات أو مواصلة الاحتفاظ بها مع العلم بأنّها متأتيةٌ من أفعالٍ مُجرّمّةٍ. وكلّ ذلك بقصد تمكين هذه الأموال من الدخول بشكلٍ مشروعٍ داخل النظام المالي العالمي بحيث يصبح من الصعب التعرّف على مصدرها الحقيقي، ومن ثمّ يمكن إنفاقها واستثمارها في أغراضٍ مشروعة.
ومن صور الفساد التي تناولها الفقهاء والباحثون:
أ. الانحرافات التنظيمية (المسلكيّة): ويقصد بها المخالفات التي تصدر عن الموظّف أثناء تأديته لمهام وظيفته والمتعلقة بالعمل، ومن أهمّها عدم احترام مواعيد العمل، عدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء، وإفشاء أسرار العمل وغيرها…
ب. المحسوبية والمحاباة والوساطة: ويقصد بالمحسوبية إمرار ما تريده بعض التنظيمات كالأحزاب أو المناطق أو الأقاليم أو العوائل المتنفذة، من مزايا غير مستحقةٍ لهم من خلال نفوذهم. بينما الوساطة هي تدخل شخصٍ ذي مركزٍ وظيفيٍ أو سياسيٍ لصالح من لا يستحق، سواء في التعيين أو إحالة عقد من العقود أو إشغال أحد المناصب. أمّا المحاباة فهي تفضيل جهةٍ على أخرى بغير وجه حقّ، كما في منح المقاولات والعطاءات أو عقود الاستئجار والاستثمار.
ج. الغش والتدليس والتزوير: وهو التلاعب بالبيانات والمعطيات أو إخفائها أو إظهار معلوماتٍ أو بياناتٍ مضللةٍ وغير صحيحة.
سلسلة مقالات مقتبسة من رسالة ماجستير للناشطة الحقوقية لمى اللبواني