خواطر وآراء

أوراقٌ في التنظيم

شهدت أوروبا الغربية خلال القرنِ الثامن عشر نهضةً علميةً شاملة، فَتَنوعت على إِثرِها الأبحاثُ والتجارب لِتَشمل مُختَلف فروع العِلم ولِتؤدي إلى اختراعاتٍ و اكتِشافاتٍ كانَت السببَ المُباشَر في قِيام الثّورة الصناعية خلال القرن التاسع عشر.

ومع ازدِياد الأعمالِ الصِناعية والآلية، ظَهرَت الحاجَة للـ “التنظيم” كعنصرٍ أساسيٍ في استقرار الشركات ونُموِها في البُعدَين الاقتصادي والجغرافي وبرَزَ معها رُواد عِلم الإدارة الحديثة، مِثل “فريدريك تايلور” مُهندس ميكانيك أمريكي وصاحب نظرية الإدارة العلمية، و”هنري فايول” مُهندس تَعدين فرنسي ومُؤسس المدرسة الكلاسيكية في علم الإدارة وصاحب مبادِئ الإدارة العامة التي تُعتَبَر الأساس في تطوير هذا المجال وغيرهم الكثير من الباحثين و المطورين في هذا المجال.

وكما أسلفنا فإن الحاجَة إلى التنظيمِ هُنا، بَرزَت كي تُحقِق الانسجامَ والمُلائَمة بين الفكرِ الإنساني والعمل الميكانيكي للآلة الحديثة من أجلِ تحقيق أهداف المنظمات، وقد سَاهمَ في ظهور عنصر التنظيم عِدةُ عوامل:

1- ظُهور الموارد الطبيعية كالنفط و الفوسفات بشكلٍ كبير ومُتاح، بالإضافة إلى القُدرة البشرية المُتطورة على الاستثمار في تلك الموارد واستخراجها من باطن الأرض.
2- انهيار منظومات الحكم في بلدانٍ غنية بتلك الموارِد الطبيعية في آسيا وأفريقيا.
3- النمو سكاني كبير في أوروبا في تلك الحقبة الزمنية المُرافق للنُمو الاقتصادي ونُمو مستوى المعيشة.
4- ظُهور أطماع سِياسية في أوروبا للسيطرة على بُلدانٍ غَنية في آسيا وأفريقيا.

إن جميع هذه العوامل تُعتَبر جزء مهم في تطوير مبادئ التنظيم كرافِعةٍ لأي عمل إداري وحتى السياسي في تلك الحقبة. ومع هذه الأعمال ظَهرَت عِدة نتائج مهمة وفوائد للتَنظيم نذكرُ منها:

1- تَحديد مسؤوليات وحُقوق الأفراد والأقسام في المَنظومة، الأمر الذي رفعَ من درجة التَخصُص في أقسامها وجَعَلها مُتميزةً في سوق العمل.
2- تَحقيق استخدام أفضل للموارد المُتاحة، الأمر الذي زاد من كَفاءة عمل الأقسام وتحسين جَودة المُخرجات عن طريق تَقليل نسبة الهدر فيها.
3- تحديد شكل وطَريقة نقل المَعلومات بين الأقسام داخل الهيكل التنظيمي و قد سَاعد هذا العامل مُعظَم المنظمات الناجِحة على تلافي أخطاء كبيرة وتَحقيق إنجازات مهمة على صعيد الإنتاج.
4- تحديد تقسيم سليم ومُنَسّق للعمل بين الأفراد والأقسام.
5- تَسهيل مهام المُراقبة والإشراف وتحقيق أهدافها في الوقوف على الأخطاء وتَصحِيحِها.

إن جميعَ ما ذكرناه يُعَدُ جُزءاً من مُنجَزات هذهِ الثورة وهَؤلاء المفكرين في طَرح قضايا التنظيم وتفسيرها، وجَعَلَ من هذا العِلم مادةً يَستطيع الإنسان تناولها في أبعادٍ أكبرَ من البُعد الاقتصادي؛ بل وحتى في مِضمار إدارة وتَسيير شؤون الدول، ثُم لم يَبقى إلا أن أُشارك هذا العمل مع أصدقائي في الحركة والقُراء من خارجها على أمل أن يُرفع صَوتُ العدالة والحرية في سماء بلدِنا الحبيبة.

 

مكتب التنظيم في الحركة المدنية السورية
كلّ ما ورد أعلاه يعبّر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة رؤية الحركة المدنيّة السوريّة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى